رواية لمن القرار بقلم سهام صادق
طعمه وحش .
تعلقت عيناه بها. . أراد التراجع في قراره ولكنه حسم أمره
فتون خدي الفلوس وياريت تجمعي حاجتك وتمشي ولو على حسن أنا هفهمه .
أبوس إيدك ياسليم بيه متمشنيش من هنا .. الله يخليك يابيه .
انحنت تقبل كفه فأسرع ينتشلها من ذلك الوضع المخزي الذي أصاب نقطة ما في قلبه... إنه يكره ضعف وذل الناس .
فتون إيه اللي بتعمليه ده .. فتون وجودك عندي في بيتي مينفعش .. أنا راجل معارفي كثير وأغلبهم عينهم زايغه . هيشوفوا وجودك في بيتي إنك لقمة سهلة .
أرجوك يابيه خليني أخدمك.. أنا مبسوطة هنا.. ولو على اللي عملته النهارده أوعدك مش هخرج من المطبخ تاني .
سقطت دموعها تستجدي عاطفته
مش هتحس بوجودي بعد كده .
زفر أنفاسه يطالع نظراتها الکسيرة.. عاد قلبه يرفق بها يخبره أنها استثناء.. عقله يطالبه ألا يتراجع وقلبه يحثه على الأمر يطالبه ان ينظر في ملامحها الطفولية.. ينظر نحو عينيها التي لا تحمل إلا الضعف .
تأملها بعينين ليست كعينيه حين يطالع نساءه .. هن يحركن به شهوته ولكن هي لا تحرك فيه إلا المشاعر النظيفة كما كانت
سيلا تفعل
سليم بيه أرجوك
ورجاءها بصوتها الضعيف المرتعش كأنه كان ينقصه ولا يعرف بعدها كيف أومأ برأسه موافقا على مكوثها بعدما كان أتخذ قراره بثبات .
ضمت كفيها ببعضهما وانسابت دموعها غير مصدقة .
مش هضايقك تاني يابيه..هنضف وأحط الأكل وأمشي على طول ..كل حاجه هتقول عليها هسمعها .
سعيدة هي.. سعيدة بذلها أمامه سعيدة بأنه أعطاها فرصة أن تظل خادمة وهو يقف يطالعها بسكون يتشرب تفاصيلها ضعفها ويرتوي داخله ولكن ارتواءه لم يكن إلا علقما .
روحي يافتون
يعني آجي بكره
تسألت وقد عادت إليها الحيرة فمازال مقتضبا في حديثه
تقدري تيجي يافتون
ألقى عبارته مغادرا الحجرة هاربا من عاطفته التي نسي مع الزمن أنها داخله وهاهي تعود لتتحكم به .. طالعت طيفه وعادت الډماء لوجهها مجددا فعالم دون سليم النجار ترفضه و قليل القليل هي ما تريده العطف .
.......
خطفت رائحة الفطائر الشهية أنفاسها.. وقد عبق المكان برائحتها .
أسرعت في إخراجها من الفرن تنظر الي صنيعها برضى
ماما إحسان هتتبسط قوي وكمان الأستاذ عصام بيحبها
عصام الذي أدمي قلبها بكلماته الچارحة هذا الصباح.. وقفت هي ليلا منهكة القوى تصنع له ما يحبه .
وضعتهم فوق طبق جميل فعصام
ضيف والضيف يجب أن ينال كل ماهو نظيف وجميل هكذا كانت تفعل والدتها .
ابتسمت وهي تتذكر اتصالها بهم أمس إنها اشتاقت لهم بشدة وما يصبرها على هذا أن حسن وعدها بعدما تدخر راتبها معه ويخرجون منه مصروف البيت سيأخدها إليهم.. ستنتظر شهرين آخرين حتى تجمع مبلغ لا بأس به وتذهب إليهم محملة بالهدايا
حملت الطبق وسارت به نحو شقة السيدة إحسان وكالعادة منذ مجيئه هو من يفتح لها الباب
مساء الخير
تفحص الطبق الذي تحمله وتلك المرة لم يطالعها بنظراته المزدرية لكنه تجاهلها وهو يفسح لها المكان حتى تدلف لوالدته
يعني راجعه من شغلك يابنتي تعبانه تقومي تعمليلي فطاير.. أعمل فيك إيه يافتون .
عشان تفطري بيهم ياماما
طالعتها بحنو فرمقها عصام ثم نظر نحو الفطائر يلتقط منها واحدة
تسلم إيدك .. بتفكرني بطعمهم من إيدك يا أمي .
أسرعت في الرد وقد أسعدها حديثه معها حتي لو كانت بضع كلمات
ماما إحسان هي اللي علمتني أعملهم إزاي .
ابتسمت السيدة إحسان تفتح لها ذراعيها.. لم تنتظر ثانية لتفكر فقد ألقت بنفسها بين أحضانها تستمد منها الدفء .
طالعهما عصام وقد صدق حديث والدته عنها فهى ليست إلا فتاة صغيرة ألقاها الفقر والجهل في زواج ليست مؤهلة له ومع حديث والدته عما يفعله بها زوجها رق قلبه ففي النهاية هو أب لثلاث فتيات ولكن قراره في أخذ والدته معه لن يتراجع عنه مهما أصرت وحاولت
اقنعيها تسافر معايا يافتون.. هي بتسمع كلامك .
تعلقت عيناه بعيني والدته التي رمقته بلوم فبعدما أخبرها أنه سيفعل لها ما تريد هاهو يتحدث في الأمر مجددا
تسافر.. تسافر فين
تسألت وقد ألجمها ماسمعته تنظر للسيدة إحسان تنتظر جوابها
عصام أنا قولت مش هسافر يعني مش هسافر.. أرجع لمراتك وولادك... أنا مش هسيب بيتي .
نهضت من مقعدها وقد ضاقت ذرعا من ضغطه عليها.. طالعت فتون الباب الذي أغلقته خلفها وارتكزت عيناها عليه لا تستوعب ما سمعته للتو
فتون ممكن تقنعيها.. أنا مش قادر أسيبها لوحدها أكتر من كده والحمدلله وضعي المادي بقى كويس هناك .
تعلقت عيناها بذلك الواقف الذي اقترب منها يطلب منها مساعدته
هي بقت متعلقة بيك قوي وبتسمع كلامك.. وأنا هفهمك تقوليلها إيه عشان تقنعيها .
وأردف متسائلا ينظر لها
هتساعديني مش كده
........
بتقولي إيه ياختي.. مالكيش نفس تحضريلي العشا أنا وصاحبي قومي بدل ما أنت عارفاني يافتون .
ماليش نفس.. قولتلك ماليش نفس أعمل حاجه هو أنا مش زي بقية الناس .
ارتفع كلا حاجبيه دهشة ينظر إلى تكورها فوق الفراش
ماشي يافتون... أنا هعرفك إزاي تردي عليا .
قبض على خصلات شعرها يسحبها من فوق الفراش دون أن يعبأ بصړاخها.. صړخت قهرا ولم يعد لديها طاقة للتوسل فقواها اليوم قد نفذت
حرام عليك ياحسن.. حرام عليك.. أنا تعبت .
بتقوليلي حرام يافتون..وكمان تعبت .
تعالى صړاخها وصفعاته تتوالى على وجنتيها تفيض إليه بحزنها لعله يسمعها لمرة واحدة
ماما إحسان هتسيبني وتسافر.. هتسيبني لوحدي .
يعني عملالي المناحة دي عشان الست أم أربعة وأربعين هتمشي.. ما تمشي ولا تروح في أي داهية هي وابنها اللي عامل نفسه ابن ذوات .
ترك خصلاتها ينفضها من بين يديه وكأنها مجرد غبار
ساعة وآلاقي الأكل معمول وبعدها تخشي تنامي وملمحش خلقتك قدامي طول ما مسعد صاحبي موجود .. سامعه .
سامعه ياحسن.. سامعه .
..........
ألقت هاتفها بعدما ضجرت من مهاتفته ومطالعة حساباته الشخصية.. ميادة لم تخبرها إلا بسفره الذي أتى فجأة وقد علموا به وهو يودعهم.. هي تعرف صديقتها جيدا لو كان أخبرها بشيء لأخبرتها به على الفور .
عادت تلتقط هاتفها تدق عليه للمرة التي لا تعلم عددها.. إنها تعلم إن الغلق قد يكون بسبب متعلق بالشبكات.. أخذها عقلها لأخر لقاء بينهما وتلك القبلة التي كلما تذكرتها رفرفت مشاعرها رغم احتقارها لنفسها من حرمتها إلا أن قلبها اتخذها في أحلامه ملاذا له .
تعالى رنين هاتفها فأسرعت
بالتحديق بشاشته وقد ظنته هو ولكن لم تكن إلا خالتها كاميليا
نظرت نحو هاتفها تستغرب مكالمة خالتها وموعدهم غدا !!
خفق قلبها وهي تتذكر كلام رسلان معها بأنه سيعلن حبهما..وارتجف قلبها وهي تستشعر ماهو قادم فقلبها يخبرها أنها سعادتها وعليها ألا تضيعها .
...........
جلست بالمطبخ شاردة تنتظر رحيله..كانت تفكر بصوت مسموع لا تصدق أن السيدة إحسان سترحل وستتركها فهى من هونت عليها غربتها في وطنها بكنف زوج لا يفعل شيئا سوي ضربها كلما اعترضت أو سمع لها صوت .
تحسست ذراعيها المكدومتين تحت ملابسها تغمض عينيها من شدة آلامها .
فتون أنا هتغدا بره تقدري تمشي بدري