رواية لمن القرار بقلم سهام صادق
شغلك
لم تكن تسمعه ولا ترى شيء أمام عينيها إلا عينين مسعد.. تشعر كأن أنفاسه مازالت عالقة فوق جلدها.. اغمضت عيناها بقوة تضم جسدها بذراعيها حتى تشعر بالأمان ولكن المشهد ترسخ في عقلها.. ستعاني منه كل ليلة في كوابيسها وما عليها إلا الصمت والصوت يتردد داخلها
حسن لا يرحم.. حسن لا يصدقك
لم تعطي كاميليا إجابة صريحة لشقيقتها ولكن ناهد قد فهمت.. فما السبب لذلك العشاء الذي سيجمعهم جميعهم.. نظرت نحو خادمتها التي تتلكع في مهامها تزفر أنفاسها حانقة
مالك يا سعاد هنقضي اليوم كله في التنضيف
حاضر يا هانم قربت أخلص أه
رمقتها ناهد ممتقعة الوجه تدور حول نفسها تفكر هل مها لديها ثوب يليق بتلك المناسبة.. هل بشرتها نضرة اليوم هل ستكون جميلة وتسلب عقل رسلان وټخطف الأعين كعادتها
ماما أنا رايحة الجمعية وممكن أتأخر
توقفت ناهد عن الدوران تنظر إليها بتحديق
تمام يا ملك
هو في ضيوف جيالنا النهاردة
توترت ناهد بعدما أشاحت عيناها عنها.. فعدم وجود ملك اليوم جاء في صالحها.. أنبها ضميرها للحظات.. أصبحت تنفيها عنهم.. لم تعد تريد لها أن تأخذ المزيد مما أعطته لها.. وجودها بينهم أصبح ثقيل عليها.. إجابات لم تعد تعلمها ولكن كما أخبرها عبدالله إنها لم تعد ناهد القديمة
عازمة خالتك وجوزها على العشا النهاردة.. أنت محتاجة حاجة
أنا ممكن ألغى مشوار الجمعية عادي
لا لا روحي ياحببتي متعطليش نفسك
دفعتها برفق نحو الباب تتمنى لها يوما سعيدا تخبرها أن لا بأس إن تأخرت
أغلقت ناهد باب الشقة تضع يدها فوق قلبها الذي زادت دقاته
بنتي هي اللي تستحق السعادة ديه.. مش حرام أكون أنانية حتى لو مرة واحدة في حياتي
تعلقت عيناه بتلك الجالسة أمام سكرتيرته.. حاول تذكرها ولكنها كانت أسرع منه وهي تنهض من على مقعدها مقتربة منه تعرفه بحالها
أنا دينا رياض أرملة صالح مراد رجل الأعمال.. أتقابلنا في النادي الرياضي مش معقول تكون نستنى بالسرعة ديه
لفظت عبارتها الأخيرة بمزاح وهي تتأمله بعينيها تمد له يدها تصافحه
أهلا يا فندم
وبنبرة عملية كان يرحب بها يخبرها أن تتقدم أمامه.. مهنته تتطلب منه اللباقة وهو خير من يكون بتلك اللباقة
جلست على المقعد بعدما جلس هو خلف مكتبه يسترخي في جلسته يخبرها أن تسرد له تفاصيل قضيتها
شريك جوزي الله يرحمه سرق نصيبه في أرض كانوا متفقين أنهم هيبقوا شركاء فيها.. ومش بس كده سرق منه فكرة المشروع.. أكيد سمعت عنه حامد الأسيوطي
الاسم سقط على مسمعه فانتبه بكامل تركيز لما تقصه عليه.. ولو كان سيرفض القضية فبعد معرفته بهوية من سيرفع القضية عليه زاده الأمر متعة.. فهو وحامد مازال بينهم ثأر.. تلك الحاډثة التي بعث له فيها رجاله ليبرحوا ضړبا
مافيش ورق يثبت بكده
أخرجت بعض الأوراق من حقيبة يدها تمدها له
طلب يتجوزني عشان أسكت لكن أنا رفضت...ده حق جوزي الله يرحمه وحقي وحق أبني .. الأرض تساوي عشرة مليون ده غير سرقته لفكرة المشروع
أنا شايف إن أوراقك مظبوطة أي محامي يقدر يكسب القضية يا مدام
طالعته بتدقيق تنظر نحو وسامته وتلك الرجولة التي تشع منه فتجعلها تزداد رغبة
حامد بيهددهم فبيرفضوا القضية.. أنا عارفه ومتأكدة انا قدام مين دلوقتي.. سليم النجار أكبر محامي في البلد ولا أنا سمعت غلط عنك
أعجبته تلك الثقة التي تتحدث بها فابتسم وهو يتراجع للخلف قليلا يدور بمقعده ثم أخذ يدق برأس القلم على سطح مكتبه
تشربي إيه يا مدام...
دينا من غير ألقاب.. قهوه مظبوطة
وابتسامة واسعة كانت ترتسم على شفتيها يفهمها تماما هتف بسكرتيرته عبر الجهاز الموضوع أمامه
فنجان قهوة مظبوط لمدام دينا وياريت تبعتيلي أستاذ حازم
والصدمة أحتلت ملامح الجالسة وهي تجد رجل أخر يصطحبها نحو مكتبه.. أشار لصديقه بأن القضية له
كادت أن تعترض ولكن أبتلعت عبارتها فمن هو حتى يصرفها هكذا... جميع الرجال يتمنون إشارة منها وهذا المغرور يرفض تولي قضيتها بنفسه
عاد حازم إليه بعدما أنصرفت وقد علم منها كل التفاصيل ولاحظ حنقها وتأففها وكأنها لا تطيق الجلوس أمامه
أنت عملت فيها إيه... ھموت وأعرف ليه كل قضايا الستات مبيحبوش غير يكونوا معاك.. أنت عامل للستات إيه
ضحك رغم إنه لم يكن بمزاج يسمح له ولا يعرف السبب.. فما الشىء الذي يستحق أن يشغل باله...فهو سليم النجار وسليم النجار لا يعيش إلا لنفسه وهذا يعجبه وقد وجد راحته فيه منذ سنوات فما الشىء الذي تغير فيه والإجابة كانت مفقودة
أنا كل تفكيري في القضية الحالية.. المهم القضية ديه لازم نكسبها مهما حصل.. أنت عارف هتترفع ضد مين
عارف طبعا حامد الأسيوطي.. الراجل ده ريحته فاحت أوي أنا مش عارف ليه الحكومه سيباه لحد دلوقتي .. بقولك أيه صحيح رانيا عزماك على العشا النهاردة
ضحك ملء شدقيه لا يصدق أن رانيا زوجة صديقه تدعوه لوجبة
العشاء
مش مراتك برضوه مش بطقني إيه اللي حصل.. أوعى تكون رانيا تعبانه ولا حاجة يا حازم
ضحك حازم هو الأخر فهو مثله لم يصدق دعوة زوجته له ولو عرف صديقه سبب الدعوة لأنفجر ضاحكا
بلاش أصدمك وأقولك أنها عايزه تقرب بينك وبين زينب بنت عمها
وقد تبدل مزاجه بعد تلك المزحة.. رانيا تجلب له عروس ياله من رجل محظوظ
وضعت كل طاقتها في ذلك العمل ولكن التعب كان يتلاشى وهي ترى نظرات البسطاء إليها وهي تمد لهم يداها بتلك المساهمات التي من حينا لأخر تمنحها لهم الجمعية.. الناس حولها كانوا سعداء وسعادتها هي أيضا كانت لا توصف
جاء وقت راحتهم فتعلقت عيناها بزملائها في الجمعية
الكل يضحك ويتثامر.. فلما هي منزوية دائما عنهم..
أقتربت منهم وقد تشجعت ولم يكونوا إلا كما توقعت أشخاص سهل المعشر وجوههم تنطق بما تحمله قلوبهم
ولم يكن الحال مع مها هكذا بل كان كما ترسم له ناهد.. مها تنظر للفساتين التي تقدمها لها البائعة وناهد تقف جوارها تنتقي معها فستانها.. وأخيرا أنتهت مهمة الثوب وجاءت مهمة تصفيف الشعر والعناية بالبشرة.. والوقت لم يعد به متسع أمامهم
فها هي تقف أمام مرآتها تنظر لما ترتديه بسعادة وناهد تمدحها
قمر يا حببتي ما شاء الله
عانقت مها والدتها تسمعها بعض الكلمات الجميلة فضمتها ناهد إليها.. أبتعدت ناهد عنها حتى تذهب لغرفتها لتتأنق هي الأخرى ولكن أوقفها صوت مها
هي ملك هتتأخر يا ماما.. مش المفروض نتصل بيها عشان تلحق تلبس وتستعد
لم تتفوه ناهد بشيء فهى تقف صامتة تبحث عن إجابة مقنعة لأبنتها.. التقطت مها هاتفها حتى تهاتفها ولكن ناهد كانت أسرع منها فالتقطت الهاتف منها تخبرها
أنا كلمتها من شوية وقالتلي لسا في الجمعية عندهم حاجات مهمة النهارده وهي هتحاول تستأذن وتيجي
أقتنعت مها بكلامها فتعلقت عينين ناهد بها وهي تعود لمرآتها تتأمل حالها بابتسامة واسعة
استيقظت تلتقط أنفاسها تنظر حولها.. الغرفة كانت غارقة في الظلام إلا من ذلك الضوء الذي يأتي عبر الشرفة
إنسابت دموعها وهي تتذكر عيناه وقربه منها.. إنه كاد أن ينهش جسدها بل في كابوسها كان بالفعل ينهشه وهي تصرخ لينقذها أحدا
حاولت