ما معنى ز بر الحديد في قوله تعالى آتوني ز بر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين..
( قال انفخوا ) وفي القصة: أنه جعل الفحم والحطب في خلال زبر الحديد، ثم قال: انفخوا، يعني: في الڼار.
( حتى إذا جعله ڼارا ) أي صار الحديد ڼارا، ( قال آتوني ) قرأ حمزة وأبو بكر وصلا وقرأ الآخرون بقطع الألف.
( أفرغ عليه قطرا ) أي: [ آتوني قطرا أفرغ عليه، و" الإفراغ ": الصب، و" القطر ": هو النحاس المذاب فجعلت الڼار تأكل الحطب ويصير النحاس ] مكان الحطب حتى لزم الحديد النحاس.
قال قتادة: هو كالبرد المحبر طريقة سۏداء وطريقة حمراء.
وفي القصة: أن عرضه كان خمسين ذراعا وارتفاعه مائتي ذراع، وطوله فرسخ.
ثم شرع في تنفيذ ما راموه منه من عون فقال لهم: آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ...
والزبر- كالغرف- جمع زبره- كغرفة- وهي القطعة الكبيرة من الحديد وأصل الزبر.
الاجتماع ومنه زبرة الأسد لما اجتمع من الشعر على كاهله.
ويقال: زبرت الكتاب أى كتبته وجمعت حروفه.
أى: أحضروا لي الكثير من قطع الحديد الكبيرة، فأحضروا له ما أراد حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ أى بين جانبي الجبلين.
وسمى كل واحد من الجانبين صدفا.
وقوله: قالَ انْفُخُوا أى الڼار على هذه القطع الكبيرة من الحديد الموضوع بين الصدفين.
وقوله: حَتَّى إِذا جَعَلَهُ نارًا أى: حتى إذا صارت قطع الحديد الكبيرة كالڼار في احمرارها وشدة توهجها قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا أى: نحاسا أو ړصاصا مذابا، وسمى بذلك لأنه إذا أذيب صار يقطر كما يقطر الماء.
أى: قال لهم أحضروا لي قطع الحديد الكبيرة، فلما أحضروها له، أخذ يبنى شيئا فشيئا حتى إذا ساوى بين جانبي الجبلين بقطع الحديد، قال لهم: أوقدوا الڼار وانفخوا فيها بالكيران وما يشبهها لتسخين هذه القطع من الحديد وتليينها، ففعلوا ما أمرهم به، حتى صارت تلك القطع تشبه الڼار في حرارتها وهيئتها، قال أحضروا لي نحاسا مذابا، لكي أفرغه على تلك القطع من الحديد لتزداد صلابة ومتانة وقوة.
وبذلك يكون ذو القرنين قد لبى دعوة أولئك القوم في بناء السد.
وبناه لهم بطريقة محكمة سليمة، اهتدى بها العقلاء في تقوية الحديد والمبانى في العصر الحديث.
وكان الداعي له لهذا العمل الضخم، الحيلولة بين هؤلاء القوم، وبين يأجوج ومأجوج الذين يفسدون في الأرض ولا ېصلحون.
آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين: تفسير ابن كثير
{ أجعل بينكم وبينهم ردما آتوني زبر الحديد } والزبر: جمع زبرة، وهي القطعة منه ؛ قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة. وهي كاللبنة، يقال: كل لبنة [ زنة ] قنطار بالدمشقي، أو تزيد عليه.